فضاء حر

الثوريون لا يموتون أبداً!!

يمنات
طبعاً هذا العنوان ليس من عندي، وإنما شهو عنوان لمذكرات أحد أشهر الثوريين العرب في القرن العشرين الحكيم جورج حبش، خلص فيه بعد أن سرد مذكراته إلى الثوري الحقيقي لا يموت ابد… وسيخلص من يقرأ الكتاب إلى كثير من الصفات التي لا يمكن أن توجد إلا في الثائر الحقيقي والتي من أهمها أن المناضل الحقيقي لا توجد لديه أية امتيازات أخرى سوى التضحية وانه دوما يتقدم للقضايا العادلة أكثر من الاخرين وانه يناضل أفضل من غيره ويعمل من اجل انتصار قضايا وطنه المستقبلية ,وليس لدى المناضلين الحقيقين اجر نقدي أو حقوق سوى أن يكونوا دائما في الصف الأمامي .
وحد متابعتي وقراءاتي لكثير من سير ومذكرات مناضلين تعاقبوا عبر الازمان وتعددوا بتعدد الأوطان أن ذهبوا على جلد أنفسهم حد القسوة، وهو ما لاحظته على الثائر والمناضل الحقيقي (القاضي أحمد سيف حاشد) في مقتطفاته على صفحته الفيسبوك … إذ ذهب بتغريداته يحمل أكثر من معنى ورسالة.
فالمعاني بمقتطفات الذاكرة مباشرة من حيث النص السردي، وبعيدة الدلالة من حيث المضمون.
أما الرسائل فهي لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
بيد أني أريد أن أخبر القاضي نفسه..
على رغم استيعابي لما وراء هذه النصوص من رسائل عميقة، ورغم اطلاعي بحكم اقترابي منك لأهم السنوات حسب تقديري في تجربتك النضالية من 2005 مرورا بكافة المنعطفات الحادة والخطيرة والتي نجوت فيها بمعجزات من السماء لا يعلم بها إلا من عاش مغامرات الأخطار ذاتها وحتى لحظة تدشينك لساحة التغيير ليلة 19 فبراير بصنعاء.
رغم تماسي مع كل ذلك لا أزال غير قادر على تحديد اللحظة التي توحدت وقررت أثناءها أن لا تعيش لنفسك أبداً … وإنما للمستقبل … مستقبل الأطفال الذين يجب أن ينعموا بحياتهم …. مستقبل الذين لا يجدون قيمة حبة الأسبرين أو مستشفىً يستقبلهم ليمنحهم بردة الشفاء من الألم … مستقبل الطالب الذي لن يترك مدرسته ويحرم من استكمال حقه في التعليم العالي فيلتحق بسوق العمل مكرهاً دون مؤهل.
مستقبل لا ترى متسولين يملئون أسواق المدن وجولات شوارعها ومحطاتها وأمام مطاعمها وداخل مساجدها يستجدون الناس قيمة كسرة خبز، أو أجرة المبيت في لوكندة أو سد قيمة فاتورة علاج أو إيجار مسكنهم.
مستقبل لا ترى فيه عجوز تمد يدها للذي يسوى ولا يسوى … أو شيخ كان يفترض أن يكون داخل دار رعاية اجتماعية … مستقبل لا ترى كيلو مربع من هذه الأرض غير خال من مجنون أو مجانين …. وباختصار مستقبل لا ترى فيه القبائح …. وإنما تتعايش في ثناياه (اي المستقبل) مع قيم الجمال التي تورف بضلالها على كل جوانب الحياة.
نعم لا أزال غير قادر على تحديد اللحظة التي نذرت فيها حياتك للمستقبل الذي يجب أن يكون عليه إنسان هذا البلد المضنوك باستمرار دفع كُلف صراع العصابات المتوالية على حكمه.
ويوم أدرك تلك اللحظة التي قررت فيها أن تعيش لقادم التخلص من حياة كدح البسطاء في سبيل سعادة دهاقنة البرابرة ومافيا الزيعسقبائل.
حينها فقط سيكون في مقدوري أن أقول لك يا قاضي:
توقف قليلاً على الأقل كيما تستطيع أن تعوض ما أنفقته من حلال زلال طيلة سنوات إصدار صحيفة المستقلة إلى الحد الذي لم تبني فيه حتى غرفة لك في عاصمة البلاد … في حين أقرانك كبعض أعضاء مجلس النواب فقط من رواتب البرلمان استطاعوا تأمين مستقبل حياة أولادهم …. بينما أنت كهم إلى جانب إيرادات الصحيفة لا تمتلك غرفة واحدة أو غرفتين في عاصمة البلاد………….. لهذا أنت … وحدك الذي يعرفك جيداً …. وربما قليلون …. الذين يعرفون هذه الحقيقة … أتمنى أن أكون واحداً منهم ……………..!!!

زر الذهاب إلى الأعلى